Sabtu, 08 Januari 2011

الفكرة الكلية و التقليبات
التقليبات لغة التحويلات ويقصد بها المعنى العام الذي تدور حوله المفردات التى تتألف من حروف واحدة بغض النظر عن ترتيبها, والخليل ابن أحمد أول من نبه الأذهان الى هذه الظاهرة اللغوية فى كتابه "العين" وربما استشعر الفكرة الكلية للمادة اللغوية مع مقلوباتها فجمعها فى نطاق واحد. وبعبارة أخرى تلاقى معانى البناء الواحد مهما اختلفت أوضاع حروفه بتقديم بعضها على بعض.إلا أن الصلة بين هذه المعانى وبين معنى الرئيسى قد يبدو واضحا للناظر فى هذه المعانى. وتارة يحتاج إلى إعمال فكرة وسعة حيلة حتى يدرك المتأمل الصلة بين المعانى. ويوضح لنا صدق هذه النظرية عرض لنماذج من مواد اللغة مع مقلوباتها لنتعرف من خلالها على هذه الظاهرة اللغوية:
١- مادة "عقل" و مقلوباتها تدور حول فكرة كلية هى "الاستمساك والتحصن". ومن ذلك : "العقل نقض الجهل, لأنه يستمسك بالمعرفة ويتحصن بها من الجهل. والمعقول : ما تعقله فى فؤادك, فيستقر فيه ويستمسك به. "وعقل المعنوه ونحوه والصبى:إذا أدرك وزكا", وفى ذلك معنى التحصن بالعقل والاستمساك بالإدراك والعمل على إزكائه وتنميته. "وعقلت البعير عقلا شددت يده بالعقال أى الرباط", فقد حصنته بالرباط المشدود على يده فلايفلت, "والعقال: صدقة عام من الإبل", وفى ذلك حصانة للمال المتصدق منه فيباركة الله وينميه وحصانة للفقير يتحصن بها من المسغبة فيستمسك المجتمع الإسلامى ويشد بعضه بعضا وفى الحديث "حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة."والعقيلة" المرأة المخدرة المحبوسة فى بيتها فقد تحصنت بخدرها من الابتذال واستمسكت بعفتها حتى لاتخدش. "وعقل القتيل عقلا أى وديته من القرابه لا من القاتل".فقد تحصن القاتل بقبيلته أو عائلته ولجأ فتماسكنت وتجمعت قي وقت الشدة وفي ذلك مافيه من الترابط الأسرى وحقن الدماء وإزالة العداء, ومنه "المعقل" وهو الحصن .
ومن مقلوبه"علق" والعلق الدم الجامد قبل أن يتيبس والعطعه علق وفي التنزيل الحكيم "ثم كان علقة فخلق فسوى" فقد تحصنت واستمسكت بجدر رحم أمها بإذن ربها, فتبارك الله أحسن الخالقين "والعلوق" : المرأة التى لاتحب غير زوجها, فقد عفت نفسهابه وتحصنت بوفأئهاله واستمسكت فأصبح حبها خالصلة مقصورا عليه لايتعداه إلى غيره"والعلق" المال الذي يكرم عليك تضن به وإذا عز على الإنسان ماله بخل به واستغنى واستمسك به فلا يطلقه واتخذ من خزائنه حصناله فتحصن بها فلا يكاد يفارقها.
والعلاقة : ماتعلقت به من صناعة أو صنيعة أو معيشة معتمدا عليه.
وإذا اعتمد الإنسان-بعد الله-على ذلك واستمسك به حصن حياته وأمنها "ومعلاق الرجل" : لسانه إذا كان بليغا,فقد تحصن بالبلاغة لسانه فحسن بيانه واستمسك به من العى والفهاهه."والمعلاق": ماعلق من العنب ونحوه" فكأنه تحصن بما يعلق عليه واستمسك به فلا يسقط على الأرض.
"والعليق" : القضيم إذا علق من الدابة", وإذا علق على الدابة بما يقضم من فول أو شعير قويت واشتدت وتماسكت وتحصن به من الكلل والملل فيما تقوم به من أعمال شاقة.
"وكل شئ يتبلغ به فهو علقة و فى الحديث : و تجتزئ بالعلقة أى تكتفى بالبلغة من الطعام" وإذا ماتبلغ الإنسان بشيء من الطعام وتصبر تماسك واشتد وتحصن به من قسوة الجوع "والعليق" : نبات أخضر يتعلق بالشجر ويلتوى عليه فيثنية" فكأنه رغبة فى الحياة يلجأ إلى الأشجار ويتثبت بها ويستمسك لتأمين حياته.
ومن مقلوبه "قعل" ومنه "القعال ما تناثر عن نور العنب...... الواحدة قعالة" فإن العنب حين يتشكل فى عنقوده حبايكون متمسكا به متحصنا فيه فلا تنثر حباته "وأقعل النور : إذا انشق عن قعالته" أى عن أكمامه إذا تفتح الزهر فانه يظل متمسكا بالأصل الذى انشق عنه متحصنا فيه" والاقتال : أخذك ذلك عن الشجر في يدك إذا استنفضته" فقبل نفضه كان متمكنا في مكانه متمسكا بشجرته متحصنابها" والمعقل". السهم الذى لم يبر بريا جيدا ", فإذا لم يبر السهم جيدا فلا يزال متحصنا فى أصله متمسكابه. "والإقعال الإنتصاب فى الركوب" وهو دليل الاستمساك والحصانة والأمان من السقوط.
ومن مقلوبه "قلع" ومنه : قلعت الشجرة واقتلعتها فانقلعت" وإقلاعها أمارة تشبها بالأرض واستمساكها بها "ورجل قلع لا يثبت على السرج" فقد حاول الإستمساك والتحصن به ولكنه أخفق "والمقلوع : الأمير المعزول" فهو قبل أن يعزل كان متشبثا بمنصبه متمسكابه متحصنا فيه حتى أرغم على التخلى عنه. "والقلعة من الحصون : ما يبنى منها على شغف الجبال الممتنعة" سميت بذلك لاستمساكها بالجبل وامتناعها على من يريدها بأذى فيأمنها الناس ويلجأون ويتحصنون فيها. ومنه "أقلع فلان عن شرب الخمر" إذا كف عنها فلا يشربها فقد تحصن بعزيمته القوية واستمسك بما عاهد عليه الله فتاب عليه ربه وهداه وصرفه عنها. ومنه : "أقلعت الطائرة" إذا طارت فى الجو فلولا تماسك أجزائها و خلوها من الأعطاب و تحصينها بما يكفيها من الوقود و وجود من يقودها لولا ذلك لما تحقق لها الطيران.
ومن مقلوبه :"لعق" و منه: اللعوق : اسم كل شئ يلعق من حلاوة أو رواء "فقد كان متمسكا (....) متحصنا فيه قبل لعقه ومنه "الملعلقة" , سميت بذلك لأن مايؤكل بها يعلق فيها ويستمسك و يتحصن من السقوط والتنائر على المائدة حتى يصل إلى فم آكله, "واللعاق" : بقية ما بقي في فمك مما ابتلعت" فكأن هذه البقية الباقية مما ابتلعت تأبى أن تفارق الفم وتلتصق به و تستمسك وتتحصن فيه وربما احتاج الآكل إلى الماء لإنزالها.
ومن مقلوبه "لقع" ومنه "لقعت الشئ": رميت به, ولا شك أن ذلك يستدعى الإمساك بما يرمى به وتحصينه بالتصويب الدقيق حتى يصيب هدفه فلا يخطئه بل يستمسك به ومنه ايضا : "لقعه بعينه" أصابه بها, فكأن العين الحاسدة أمسكت بالمحسود فلم تفلته و تحصنت بتمنى زوال نعمته فـأصابت هدفها.وصدق الله العظم إذيقول : "ومن شر حاسد إذا حسد".

٢. مادة "جر" ومقلوبها "رج" فكرتها الكلية "التحرك و الا هتزاز"
٣. مادة "دق" ومقلوبها "قد" فكرتها الكلية "الفصل"
٤. مادة "جبر" وما تصرف منها على طريق القلب تدور حول فكرة, "القوة والشدة", منها : "جبرت العظم والفقير" إذا قويتها وشددت منهما, "والجبر" الملك لقوته و تقويته لغيره ومنها: "رجل مجرب" (إذا حنكته التجارب فقوى واشتد) ومنه "الجراب" لأنه يحفظ ما فيها و إذا حفظ الشئ وروعى اشتد و قوى. ومنه "البرج" لقوته فى نفسه وقوة مايليه به وكذلك "البرج" لنقاء بياض العين وصفاء سوادها هو قوة أمرها.... ومنها "رجبت الرجل" إذا عظمته وقريت أمره , ومنه "رجب" لتعظيمهم إياه عن القتال فيه و إذا أكرمت النخلة على أهلها فمالت دعموها "بالرجبة" وهو شئ تسند إليه لتقوى به ,"والراجبة" أحد فصوص الأصابع وهي مقوية لها, ومنها "الرباجى" وهو الرجل يفخر بأكثر من فعله قال: "وتلقاه رباجيا فحورا" تأويله أنه يعظم نفسه ويقوى أمره.
٥. مادة "قسو" وما اشتق منها على سبيل القلب فكرتها ا الكليمة "القوة والاجتماع" ومنها "القسوة" وهى شدة القلب واجتماعه... ومنها "القوس" لشدتها واجتماع طرفيها ومنها "الوقس" لا ببتداء الجرب لأنه يجمع الجلد ويقحلة ومنها "الوسق" للحمل وذلك لا جتماعه وشدته ومنه : لستوسق الأمر أى اجتمع "والليل و مام وسق" أى جمع ومنها "السوق" وذلك لأنه استحثاث وجمع للسوق بعضه إلى بعض ومنها : "السوق" وهو مكان اجتماع المتعاملين بيعا و شراء
٦. مادة "عجل" وتقلباتها فكرتها الكلية التى تدور حولها هى "الحث والسرعة" ومن ذلك : "أعجلته وعجلته أى كلفته أن يعجل" ففى التكليف حث له على السرعة والإنجاز, "والعجلة" : المنجنون يستقى عليها" فكأن الساقى يستحثها أن تسرع حتى ينتهى من سقياه", "والإعجالة : مايعجله الراعى من اللبن إلى أهله قبل الحلب" سميت بذلك لأنها تتم على عجل" والعجول من الإبل : التى فقدت ولدها قالت الخنساء : فما عجول على بوتطيف به قد ساعدتها على التحتان أظار, سميت بذلك لقلقها على فقيدها فهى تتعجل التفرس فى وجوه أقرانه علها تجده و فى الذكر الحكيم "وخلق الإنسان عجولا" أى متسرعا والله أعلم.
"و العاجلة" : الدنيا" سميت بذلك لا نقضاء أيامها بسرعة وفى ذلك حث للإنسان على التزود من الطاعة والخير قبل انقضاء الأجل.
ومن مقلوبه "علج" ومنه العلج : حمار الوحش لا ستعلاج خلقه أى غلظه وإذا كان كذلك تباطأ فى مشيته واحتاج لمن يستحثة على أن يخف ويسرع."والعلاج" : مزاولة كل شئ ومعالجته" وفى ذلك حفز للهمم وحث لها على الإسراع فى إنجازه , وعالجت فلانا فعلجته إذا غلبته وفى ذلك مافيه من استجماع القوة وحفزها لقهر خصمها بسرعة واعتلج القوم : اتخذو أصراعا وقتالا وفى المصارعة والمقاتلة استنفار واستنهاض للعزائم وإسراع فى الطعان والنزال واعتلاج الأمواج : تلاطمها فكأنها تسرع ليلحق بعضها تعض فتتلاقى وتتلاطم
ومن مقلوبه "جعل" والجعل : ما جعلت لإنسان أجزاله على عمل يعمله ولا شك أن الأجز المحزى حافز للإنسان على الإتقان فى العمل والإسراع فى إنجازه والجعال والجعالة : خرقة تنزل بها القدر من رأس النار يتقى بها الحر سميت بذلك لأن ماسكها يسرع بها فى إنزال القدر فلا تصله حرارتها
ومنه مقلوبه "جلع" ومنه المجالعة التنازع عند شرب أو قمار او قسمة مال قال الشاعر : "ولا فاحش عند الشراب مجالع".وواضح مافيه من التدافع والتسارع وربها التصارع وما يصبه ذلك ممن حث بعضهم لبعض على لهدوه والسكينة
ومن مقلوبه "لعج" ومنه "لعج الحزن استمر فى القلب", وفى استمراره حث للقلب على بقاء ذكرى ما يحزن ماثلة أمام العين فلا ينمحى مهما تتابعت الأيام وأسرعت.
٧. مادة "قول" فهى ما تصرف منها على طريق القلب تدور حول فكرة كلية واحدة هى الخفة والحركة
ومن هذا الباب "القول" وذلك أن الفم واللسان يخفان له (ويتحركان)... ومنه .... القلو : حما الوحش وذلك لخفته وإسراعه.... ومنه ,الوقل للوعل وذلك لحركته وقالوا : توقل فى الجبل إذا صعد فىه وذلك لا يكون إلا مع الحركة والاعتمال ومنه ولق يلق إذا أسرع ومنه اللوفة : الزبدة وذلك لخفتها وإسرع جركتها . ومنه اللقوة للعقاب قيل لها ذلك لخفتها وسرعة طيرانها.
٨. مادة "ركب" وتقلباتها فكرتها الكلمة "بذل الجهد" وهذا المعنى العام ملخوظ فى "ركب" فقيه جهد فى الركوب وفى ربك بذل للجهد حتى يتخلص الإنسان مما يركبه وفى "كرب" ومنه الكرب وهو الهم وفيه بذل الجهد للسيطرة على الأعصاب وفى "كبر" بذل مجهود أيضا ومنه تكبر إذا تعاظم وفيه بذل الجهيد ليبدو أمام الناس كبيرا وفي برك الجمل إذا أناخه فاستناخ بذل جهد أيضا ومن مقلوبه : بكر إلى عمله إذا ذهب إليه فى الصباح الباكر وفى ذلك طاقة وجهد.
فمن النظر فى المواد السابقة يظهر لنا صدق هذه النظرية, إلا أننا لا نتمكن من الحكم باطراد هذه النظرية لأن بعض المواد لا يمكن أن يتحقق فيها ذلك التناسب. وكما أن هناك بعض المواد لا يرد فيها تقلبات إطلاقا, مثل "د ح ض" لأن هذا لا يتصرف بتقديم أو تأخير لأنه لم يرد عن العرب شيء من ذلك.
وينبغى أن يعلم أن أخذ الفكرة الكلية وانسحابها على المادة اللغوية وما تفرع منها من صيغ فى هذا الباب وماسبقه "أمر اجتهادي" بحث لا يوقف فيه عند حد المسموع عن فقهاء اللغة بل للباحث أن يجتهد فى استنباط الفكرة المناسبة التى تكون قاسما مشتركا بين المادة اللغوية وما اشتق منها من صيغ. وفضل الله ليس مقصورا على أولئك الأولين.

المراجع
ابن جنى, أبوالفتح عثمان ,الخصائص, دار الكتب المصرية
الفراهيدى, خليل ابن أحمد, كتاب العين, دار الكتب العلمية, بيروت
عبد الرحمن, شعبان عبد العظيم,الدكتور, قطوف من فقه العربية
نجا, إبراهيم محمد,الدكتور, الوجيز فى فقه اللغة العربية

Tidak ada komentar:

Posting Komentar